إلى طلبة العلوم السياسيّة فرع العلاقات الدوليّة
4 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
إلى طلبة العلوم السياسيّة فرع العلاقات الدوليّة
ظريّة النظم وإستدلال بالنموذجين: " النظام الدّولي الجديد"و"النّظام الإقليميّ العربيّ"
المقدّمة :
تعدّ نظريّة النظم إحدى أهمّ النظريّات, مقارنة مع سابقتها من مثل: النظريّة السلوكيّة, النظريّة الواقعيّة....وحتى نتوصّل إلى فهم واضح يتوجّب علينا أوّلا الحديث عن مفهوم التنظيم بصفة عامّة, ثم النظريّة التنظيميّة بصفة خاصّة, لننتقل فيما بعد إلى الجانب التطبيقيّ أين إخترنا أن تستشهد بالنظام الدّولي الجديد, النظام الإقليميّ العربيّ؛ فلكم ما جاء في بحثنا المختصر:
مفهوم التنظيم:
يستخدم بعض المديرين ورجال الأعمال كلمة: "التنظيم" بمعنى: "تصميم الهيكل التنظيميّ" فهم ينظرون إلى "التنظيم" على أنّه تلك العمليّة المتعلقة بعمل الخرائط التنظيميّة التي توجد بها مربّعات توضّح: من رئيس من؟؟؟
وهناك تعريف آخر يرى أنّ التنظيم هو الشكل الخاصّ بطرق وأعداد كبيرة من الأفراد المشتركة في أعمال معقّدة وأكثر من أن تكون بينها علاقات مباشرة, بعضهم ببعض وظهورهم في وضع مرتب محسوس لتحقيق أهداف مشتركة متّفق عليها.
أمّا: "ريموند أنتر" و"وارين بلنكت" في كتابهما: "مقدّمة الإدارة" عرّفا وظيفة التنظيم على أنّها عمليّة دمج الموارد البشرية والماديّة من خلال هيكل رسمي بين المهام والسلطات.
نظريّة النّظم:
تأتي نظريّة النّظم في إطار النّظريّات الحديثة التي تقوم على أساس نقد النّظريّات السابقة سواء التقليديّة أو السلوكيّة, لأنّ كل منهما ركز على أحد متغيّرات التنظيم إما: العمل أو الإنسان, بإعتبار أنّ التنظيم نظام مقفل, بينما يرى للتنظيم في نظريّة النظم إلى أنّه نظام مفتوح يتفاعل مع البيئة المحيطة به وذلك ضمانا لإستمراريّة التنظيم.
إنّ دراسة أيّ تنظيم لابدّ أن تكون من منطق النظم بمعنى تحليل المتغيّرات وتأثيراتها المتبادلة فالنظم البشرية تحوي عددا كبيرا من المتغيّرات المرتبطة ببعضها البعض, وبالتالي فنظريّة النظم نقلت منهج التحليل إلى مستوى أعلى ممّا كان عليه في النظريّة الكلاسيكيّة والنظريّة السلوكيّة, فهي تتصدّى لتساؤلات لم تتصدّى لها النظريتيّن السابقتين.
تقوم نظريّة النّظم على أجزاء وثيقة الصّلة ببعضها البعض وهي كالتالي:
_ الفرد: قائدا كان أو منفذا, والتركيب السيكولوجي بصفة أساسيّة أو هيكل الشخصيّة, وتعالج هذه النظريّة حوافز الفرد, إتجاهاته, وإفتراضاته.
_ الترتيب الرّسمي: للعمل أو الهيكل التنظيميّ وما يتبعه من المناصب.
_ التنظيم غير الرّسمي: خصوصا أنماط العلاقات بين المجموعات وأنماط تفاعلهم مع بعضهم وعمليّة تكييف التوقعات المبادلة.
_ تكنلوجيا العمل: وباقي متطلباتها الرّسميّة, إذ يجب تصميم الآلات تصاميما تتماشى والتركيبة السيكولوجية والفسيولوجية للفرد.
الخاتمة:
نرى أنّ هذه النظريّة لم تركّز على متغيّر واحد على حساب متغيّر آخر, فكما أشارت إلى أهميّة سلوك الأفراد بالتنظيمين الرّسمي وغير الرّسمي, أشارت كذلك إلى أهميّة الإهتمام بالتكنولوجيا والآلات, فنوع وحجم العاملين مهمّ, كما نوع وحجم الآلات مهم أيضا؛ لذا تعدّ هذه النظريّة من أحدث وأدّق نظريّات التنظيم, إلاّ أنّ تطبيقها يختلف من منظمة إلى لأخرى, وذلك حسب ظروف كل منظمة.
الجانب التطبيقيّ:
1/ نموذج النظام الدّولي الجديد:
رسّخت أيدولوجية النظام الدّولي الجديد خلال عشر سنوات في الوعي الجماعي أنّ العولمة ظاهرة تاريخيّة حتميّة, بالإضافة إلى أنّها بلا شكّ تقدّميّة وكل ما ينتج عنها مفيد للإنسانيّة.
شيّدت هياكل قوّة النّظام الدّولي الجديد تدريجيّا بدون الإشارة إلى الأهداف الحقيقيّة, لتلك المنظمات العالميّة مثل: الناتو, منظمة الأمم المتحدّة, المجلس الإقتصادي الأوروبي, مجموعة السبعة الكبار..., كان هذا الأساس الذي إستدعته دواعي المحافظة على "الوضع الرّاهن" للعولمة, بواسطة منظومة ذات ثلاث دوائر مكثفة: "العالم الأوّل" ممثلا بمجموعة السبعة الكبار, "العالم الثاني" ممثلا في الدّول الأكثر صداقة وإحتكاكا بالعالم الأوّل, وأخيرا "العالم الثالث" وهو المحيط الرّيفيّ المتأخر للنظام الدّولي الجديد, وكانت وستظل دول العالم الثالث مبعدة ومغضوب عليها.
وما ترتيب الدّول المعاصر إلاّ تأكيد نهائيّ للنظام الدّولي الجديد, وذلك بتأثير العديد من العوامل من أهمّها: سياسات الغرب الإستعماريّة ومساهمته في نشوب العديد من النّزاعات الدّوليّة, الحروب والمتغيّرات التي إنجرّت منها, فبعد أن كانت تدوم الحرب قرونا أضحت تدوم أعوام قليلة وبطريقة معاصرة تفتقد أسبابا حقيقيّة آنية بل لها مهام محدّدة, وصولا إلى الرّاهن التاريخي التدريجيّ الذي يمرّ عبر طريق النّزاعات المسلحة الإقليميّة وهذه هي الإستراتجية الرّئيسيّة في النّظام الدّولي الجديد في عالم معاصر أحادي القطبيّة.
وصولا إلى العولمة كواحدة من أهمّ الطموحات التاريخيّة للألفية الجديدة, جوهرها الأساسيّ هو إقامة حكومة عالميّة موحّدة بإملاء الأوليغارشية العالميّة؛ كما لو كانت فاشية تماما, تتدّخل تدريجيّا في كل النشاطات الإنسانيّة, ويتضّح أنّ العدّو الرّئيسيّ للعولمة هو الوعي القومي الرّوحي السياسي المرشد, إذ أنّ أيّ فكرة قومية لا مجال لها في إطار الدّولة العالميّة الموّحدّة, فعلى الرّوح القوميّة التقليديّة الموت والإنجلاء وذلك في سبيل إملاء فكرة دولة المدينة الفاضلة الطوباوية على الإنسانيّة التي تتحوّل إلى جموع لم تنزع منها قوميتها فقط بل تقاليدها الأخلاقيّة أيضا وحتى التراب في الدّولة العالميّة متغيّر وليس ثابت.
ثمّ رواج ما يسمّى ب: "الثقافة العالميّة" التي هي موجّهة أساسا لتحطيم الثقافة القوميّة, بهدف إقامة حكومة عالميّة توّفر للنظام الدّولي الجديد تربة خصبة لإستيلاب الإرادة العالميّة.
كما أنّ مجال التقنيات العلميّة والتقدّم الباهر الذي أحرزته مؤخرّا يحمل في طيّاته جانبا من الإغراء الرقيق للإنسان برفاهية المتطلبات الحياتية وتيسيرات الحلم الأمريكي, وإستبدال المثل السامية بخرافات...
وأخيرا بروز أنواع جديدة للحروب وكيفية شنّها إلى أن إكتست بالصبغة غير المحدودة من مثل: الفيروسات الإلكترونية, المعلوماتية, المالية, الحروب التجارية...
2/ نموذج النّظام الإقليميّ العربيّ:
يصنّف النظام الإقليمي العربيّ بالغائب الأكبر ممثلا بإطاراته السياسية القيادية كالجامعة العربيّة ومجموع مجالسها المتعدّدة ومؤسّسة القمّة التي تمّ الإتفاق على إنعقادها بشكل منتظم سنويّا, وبقيّة مؤسّسات العمل العربيّ المشترك والإتحادات المناطقية مثل: إتحاد دول الخليج العربيّ, الإتحاد المغاربيّ...
وقد كان الإفتراض أن هذا النظام هو المسؤول الأوّل عن وجود دور وقرار له, والمسؤول الأوّل عن مصالح الأمّة وأمنها وحجم مجالها الحيوي في العالم وإستكشاف مستقبلها في ضوء المعطيات والمتغيّرات الدّوليّة.
وبدون أدنى شك فإنّ النّظام الإقليمي العربيّ لعب أدوارا مهمّة على صعيد المنطقة والعالم في النصف الثاني من القرن الماضي, من أبرزها: الرّد على هزيمة 1967 بحرب أكتوبر 1973 وإظهار منظمّة التحرير الفلسطينيّة إلى المسرح الدّولي في قمّة الرّباط 1974 وكذلك دوره في مواجهة تصدير نموذج الثورة الخمينية في سنوات الحرب العراقية الإيرانية التي إسّتمرت ثماني سنوات, وفي إنقاذ لبنان من أتون الحرب الأهلية من خلال وثيقة الطائف, كما لعب النظام الإقليمي العربي أدوارا أخرى ربّما تكون أقل أهميّة ولكنها تؤكد جميعها أنّه قادر على إمتلاك الإرادة وأن يكون حاضرا وبقوّة في مفاصل السياسة الدّوليّة.
غير أنّ هذه الوتائر من النجاح والفعاليّة والأدوار القويّة والقرارات الجماعيّة لم تستمر بل إعترتها إختراقات خطيرة على مستويين:
المستوى الأوّل: إندفاع بعض الدّول الرئيسية المكونة لهذا النظام الإقليمي العربي في التمرد على حالة الإجماع بل وضرب هذا الأخير إمّا لمصالح وطموحات غير مشروعة أو لحسابات خالصة.
المستوى الثاني: ممارسة بعض القوى لإختراقات شرعية على الصعيد الداخلي وذلك لصالح أطراف مناوئة للنظام الإقليمي العربي.
بطبيعة الحال نحن مازلنا في أوّل هذه الحرب المفتوحة وليس في خواتيمها, وتنطوي كل حرب مفتوحة على مفاجآت, ليس فقط علة نوع السلاح المستخدم وإنّما على مستوى إدارة هذه الحرب, والقوى المحتمل أن تشارك فيها حتى وإن لم تكن قرّرت ذلك من البداية, فالحرب لها آلياتها الخاصّة بها والتي قد تدفع أطرافها إلى الذهاب أبعد ممّا كانوا يخططون؛ وإسرائيل على سبيل المثال قرّرت في مجلسها الوزاري المصغر, وبعد إستشارة رئيس الأركان, إعتماد النموذج الذي إستخدمه حلف الناتو ضدّ صربيا في البلقان, حرب عن بعد, حرب بالطائرات والسلاح البحري والصواريخ, حرب القذائف التدميريّة, حرب تحطيم البنية التحتية, وتحطيم الحياة البشرية للمدنيين, حرب النفس الأطول والإمكانيات الأكبر؛ فهل التفاعلات في إسرائيل تتحمّل كل ذلك؟ ثمّ أنّ إسرائيل تجعل أهدافها متحرّكة مثل عمليّاتها العسكريّة بدأت بعنوان صغير وهو إطلاق صراح الأسير في غزّة, والأسيرين في جنوب لبنان, ولكن هذه الأهداف توسّعت إلى صيغ سياسية أكثر تعقيدا مثل سحب سلاح المقاومة أيّ إخراج كامل المقاومة من اللعبة, وإعادة المسؤوليّة للحكومات الشرعية.
فهل هذه الأهداف ممكنة وقابلة للتحقق في المدى المنظور؟ وإذا كان النظام الإقليميّ العربيّ يقول علنا أنّ هذه حرب القوى الإقليميّة الأخرى التي يتم تداولها بأياد عربيّة وعلى حساب مصالح عربيّة, فإنّ عودة النّظام الإقليميّ العربيّ إلى موقع القرار, وموقع الدّور الحاسم, وموقع حساب المصالح القوميّة, هذه العودة ليست طريقها مفروشة بالورود...فهناك فشل واضح لمشروع السلام العربيّ, وهناك عدم جدّية في التعامل الأمريكي مع مشروع السلام العربيّ, وهناك دائما هذه الإختراقات العميقة جدّا والتي تحتاج إلى الحكمة والحنكة في التعامل معها.
والغائب حتى يعود يلزمه أكثر من مجرّد الإعتراض على ما يحدث, يلزمه المبادرة في قلب المشاكل والأحداث والتداعيات ونحن نعلم أنّ كثيرا من مآزق النّظام الإقليمي العربيّ سببها الأوّل هو السياسات الأمريكيّة في المنطقة, سياسات ظالمة, أو سياسات خرقاء مثل سياسة فصل القضايا العربيّة عن بعضها والتعامل مع كل قضيّة على حدى, حيث يثبت بالدّليل أنّ هذا غير ممكن موضوعيّا...
قد سبق للنّظام الإقليميّ العربيّ أن أرسل إشارات واضحة بشأن إستيائه من سلوك الحليف الأمريكيّ, وكانت أوّل الإشارات من الأمير سعود الفيصل الذي أسار قبل أشهر إلى أنّ السياسة الأمريكيّة سلّمت العراق لإيران... ثمّ تتابعت الإشارات بعد ذلك من الملك الأردني عبد الله الثاني حول الهلال الشيعي, ومن الرّئيس مبارك حول الدّور الإيرانيّ, حتى وصلنا إلى التداعيات الأخيرة.
ربّما الإشارة الإيجابيّة البارزة حتى الآن أنّ النّظام الإقليمي العربيّ بدأ يتحدّث بلغة خارج حدود المجاملات, وخارج حدود النّفاق, يتحدّث بلغة صريحة, لغة قد تثير خلافا في بداية الأمر لكنّها حتما ستؤدّي إلى إصطفافات من نوع جديدو فالنّظام الإقليميّ العربيّ يتوجّب عليه أن يخوض معركة الدّفاع عن الدّور والقرار والمصالح ليس في مواجهو إسرائيل فحسب وإنّما في مواجهة الآخرين داخل بيته العربيّ, وداخل إمتداده الإقليميّ, لعلّها تكون فعلا معركة الحضور من الغياب.
المقدّمة :
تعدّ نظريّة النظم إحدى أهمّ النظريّات, مقارنة مع سابقتها من مثل: النظريّة السلوكيّة, النظريّة الواقعيّة....وحتى نتوصّل إلى فهم واضح يتوجّب علينا أوّلا الحديث عن مفهوم التنظيم بصفة عامّة, ثم النظريّة التنظيميّة بصفة خاصّة, لننتقل فيما بعد إلى الجانب التطبيقيّ أين إخترنا أن تستشهد بالنظام الدّولي الجديد, النظام الإقليميّ العربيّ؛ فلكم ما جاء في بحثنا المختصر:
مفهوم التنظيم:
يستخدم بعض المديرين ورجال الأعمال كلمة: "التنظيم" بمعنى: "تصميم الهيكل التنظيميّ" فهم ينظرون إلى "التنظيم" على أنّه تلك العمليّة المتعلقة بعمل الخرائط التنظيميّة التي توجد بها مربّعات توضّح: من رئيس من؟؟؟
وهناك تعريف آخر يرى أنّ التنظيم هو الشكل الخاصّ بطرق وأعداد كبيرة من الأفراد المشتركة في أعمال معقّدة وأكثر من أن تكون بينها علاقات مباشرة, بعضهم ببعض وظهورهم في وضع مرتب محسوس لتحقيق أهداف مشتركة متّفق عليها.
أمّا: "ريموند أنتر" و"وارين بلنكت" في كتابهما: "مقدّمة الإدارة" عرّفا وظيفة التنظيم على أنّها عمليّة دمج الموارد البشرية والماديّة من خلال هيكل رسمي بين المهام والسلطات.
نظريّة النّظم:
تأتي نظريّة النّظم في إطار النّظريّات الحديثة التي تقوم على أساس نقد النّظريّات السابقة سواء التقليديّة أو السلوكيّة, لأنّ كل منهما ركز على أحد متغيّرات التنظيم إما: العمل أو الإنسان, بإعتبار أنّ التنظيم نظام مقفل, بينما يرى للتنظيم في نظريّة النظم إلى أنّه نظام مفتوح يتفاعل مع البيئة المحيطة به وذلك ضمانا لإستمراريّة التنظيم.
إنّ دراسة أيّ تنظيم لابدّ أن تكون من منطق النظم بمعنى تحليل المتغيّرات وتأثيراتها المتبادلة فالنظم البشرية تحوي عددا كبيرا من المتغيّرات المرتبطة ببعضها البعض, وبالتالي فنظريّة النظم نقلت منهج التحليل إلى مستوى أعلى ممّا كان عليه في النظريّة الكلاسيكيّة والنظريّة السلوكيّة, فهي تتصدّى لتساؤلات لم تتصدّى لها النظريتيّن السابقتين.
تقوم نظريّة النّظم على أجزاء وثيقة الصّلة ببعضها البعض وهي كالتالي:
_ الفرد: قائدا كان أو منفذا, والتركيب السيكولوجي بصفة أساسيّة أو هيكل الشخصيّة, وتعالج هذه النظريّة حوافز الفرد, إتجاهاته, وإفتراضاته.
_ الترتيب الرّسمي: للعمل أو الهيكل التنظيميّ وما يتبعه من المناصب.
_ التنظيم غير الرّسمي: خصوصا أنماط العلاقات بين المجموعات وأنماط تفاعلهم مع بعضهم وعمليّة تكييف التوقعات المبادلة.
_ تكنلوجيا العمل: وباقي متطلباتها الرّسميّة, إذ يجب تصميم الآلات تصاميما تتماشى والتركيبة السيكولوجية والفسيولوجية للفرد.
الخاتمة:
نرى أنّ هذه النظريّة لم تركّز على متغيّر واحد على حساب متغيّر آخر, فكما أشارت إلى أهميّة سلوك الأفراد بالتنظيمين الرّسمي وغير الرّسمي, أشارت كذلك إلى أهميّة الإهتمام بالتكنولوجيا والآلات, فنوع وحجم العاملين مهمّ, كما نوع وحجم الآلات مهم أيضا؛ لذا تعدّ هذه النظريّة من أحدث وأدّق نظريّات التنظيم, إلاّ أنّ تطبيقها يختلف من منظمة إلى لأخرى, وذلك حسب ظروف كل منظمة.
الجانب التطبيقيّ:
1/ نموذج النظام الدّولي الجديد:
رسّخت أيدولوجية النظام الدّولي الجديد خلال عشر سنوات في الوعي الجماعي أنّ العولمة ظاهرة تاريخيّة حتميّة, بالإضافة إلى أنّها بلا شكّ تقدّميّة وكل ما ينتج عنها مفيد للإنسانيّة.
شيّدت هياكل قوّة النّظام الدّولي الجديد تدريجيّا بدون الإشارة إلى الأهداف الحقيقيّة, لتلك المنظمات العالميّة مثل: الناتو, منظمة الأمم المتحدّة, المجلس الإقتصادي الأوروبي, مجموعة السبعة الكبار..., كان هذا الأساس الذي إستدعته دواعي المحافظة على "الوضع الرّاهن" للعولمة, بواسطة منظومة ذات ثلاث دوائر مكثفة: "العالم الأوّل" ممثلا بمجموعة السبعة الكبار, "العالم الثاني" ممثلا في الدّول الأكثر صداقة وإحتكاكا بالعالم الأوّل, وأخيرا "العالم الثالث" وهو المحيط الرّيفيّ المتأخر للنظام الدّولي الجديد, وكانت وستظل دول العالم الثالث مبعدة ومغضوب عليها.
وما ترتيب الدّول المعاصر إلاّ تأكيد نهائيّ للنظام الدّولي الجديد, وذلك بتأثير العديد من العوامل من أهمّها: سياسات الغرب الإستعماريّة ومساهمته في نشوب العديد من النّزاعات الدّوليّة, الحروب والمتغيّرات التي إنجرّت منها, فبعد أن كانت تدوم الحرب قرونا أضحت تدوم أعوام قليلة وبطريقة معاصرة تفتقد أسبابا حقيقيّة آنية بل لها مهام محدّدة, وصولا إلى الرّاهن التاريخي التدريجيّ الذي يمرّ عبر طريق النّزاعات المسلحة الإقليميّة وهذه هي الإستراتجية الرّئيسيّة في النّظام الدّولي الجديد في عالم معاصر أحادي القطبيّة.
وصولا إلى العولمة كواحدة من أهمّ الطموحات التاريخيّة للألفية الجديدة, جوهرها الأساسيّ هو إقامة حكومة عالميّة موحّدة بإملاء الأوليغارشية العالميّة؛ كما لو كانت فاشية تماما, تتدّخل تدريجيّا في كل النشاطات الإنسانيّة, ويتضّح أنّ العدّو الرّئيسيّ للعولمة هو الوعي القومي الرّوحي السياسي المرشد, إذ أنّ أيّ فكرة قومية لا مجال لها في إطار الدّولة العالميّة الموّحدّة, فعلى الرّوح القوميّة التقليديّة الموت والإنجلاء وذلك في سبيل إملاء فكرة دولة المدينة الفاضلة الطوباوية على الإنسانيّة التي تتحوّل إلى جموع لم تنزع منها قوميتها فقط بل تقاليدها الأخلاقيّة أيضا وحتى التراب في الدّولة العالميّة متغيّر وليس ثابت.
ثمّ رواج ما يسمّى ب: "الثقافة العالميّة" التي هي موجّهة أساسا لتحطيم الثقافة القوميّة, بهدف إقامة حكومة عالميّة توّفر للنظام الدّولي الجديد تربة خصبة لإستيلاب الإرادة العالميّة.
كما أنّ مجال التقنيات العلميّة والتقدّم الباهر الذي أحرزته مؤخرّا يحمل في طيّاته جانبا من الإغراء الرقيق للإنسان برفاهية المتطلبات الحياتية وتيسيرات الحلم الأمريكي, وإستبدال المثل السامية بخرافات...
وأخيرا بروز أنواع جديدة للحروب وكيفية شنّها إلى أن إكتست بالصبغة غير المحدودة من مثل: الفيروسات الإلكترونية, المعلوماتية, المالية, الحروب التجارية...
2/ نموذج النّظام الإقليميّ العربيّ:
يصنّف النظام الإقليمي العربيّ بالغائب الأكبر ممثلا بإطاراته السياسية القيادية كالجامعة العربيّة ومجموع مجالسها المتعدّدة ومؤسّسة القمّة التي تمّ الإتفاق على إنعقادها بشكل منتظم سنويّا, وبقيّة مؤسّسات العمل العربيّ المشترك والإتحادات المناطقية مثل: إتحاد دول الخليج العربيّ, الإتحاد المغاربيّ...
وقد كان الإفتراض أن هذا النظام هو المسؤول الأوّل عن وجود دور وقرار له, والمسؤول الأوّل عن مصالح الأمّة وأمنها وحجم مجالها الحيوي في العالم وإستكشاف مستقبلها في ضوء المعطيات والمتغيّرات الدّوليّة.
وبدون أدنى شك فإنّ النّظام الإقليمي العربيّ لعب أدوارا مهمّة على صعيد المنطقة والعالم في النصف الثاني من القرن الماضي, من أبرزها: الرّد على هزيمة 1967 بحرب أكتوبر 1973 وإظهار منظمّة التحرير الفلسطينيّة إلى المسرح الدّولي في قمّة الرّباط 1974 وكذلك دوره في مواجهة تصدير نموذج الثورة الخمينية في سنوات الحرب العراقية الإيرانية التي إسّتمرت ثماني سنوات, وفي إنقاذ لبنان من أتون الحرب الأهلية من خلال وثيقة الطائف, كما لعب النظام الإقليمي العربي أدوارا أخرى ربّما تكون أقل أهميّة ولكنها تؤكد جميعها أنّه قادر على إمتلاك الإرادة وأن يكون حاضرا وبقوّة في مفاصل السياسة الدّوليّة.
غير أنّ هذه الوتائر من النجاح والفعاليّة والأدوار القويّة والقرارات الجماعيّة لم تستمر بل إعترتها إختراقات خطيرة على مستويين:
المستوى الأوّل: إندفاع بعض الدّول الرئيسية المكونة لهذا النظام الإقليمي العربي في التمرد على حالة الإجماع بل وضرب هذا الأخير إمّا لمصالح وطموحات غير مشروعة أو لحسابات خالصة.
المستوى الثاني: ممارسة بعض القوى لإختراقات شرعية على الصعيد الداخلي وذلك لصالح أطراف مناوئة للنظام الإقليمي العربي.
بطبيعة الحال نحن مازلنا في أوّل هذه الحرب المفتوحة وليس في خواتيمها, وتنطوي كل حرب مفتوحة على مفاجآت, ليس فقط علة نوع السلاح المستخدم وإنّما على مستوى إدارة هذه الحرب, والقوى المحتمل أن تشارك فيها حتى وإن لم تكن قرّرت ذلك من البداية, فالحرب لها آلياتها الخاصّة بها والتي قد تدفع أطرافها إلى الذهاب أبعد ممّا كانوا يخططون؛ وإسرائيل على سبيل المثال قرّرت في مجلسها الوزاري المصغر, وبعد إستشارة رئيس الأركان, إعتماد النموذج الذي إستخدمه حلف الناتو ضدّ صربيا في البلقان, حرب عن بعد, حرب بالطائرات والسلاح البحري والصواريخ, حرب القذائف التدميريّة, حرب تحطيم البنية التحتية, وتحطيم الحياة البشرية للمدنيين, حرب النفس الأطول والإمكانيات الأكبر؛ فهل التفاعلات في إسرائيل تتحمّل كل ذلك؟ ثمّ أنّ إسرائيل تجعل أهدافها متحرّكة مثل عمليّاتها العسكريّة بدأت بعنوان صغير وهو إطلاق صراح الأسير في غزّة, والأسيرين في جنوب لبنان, ولكن هذه الأهداف توسّعت إلى صيغ سياسية أكثر تعقيدا مثل سحب سلاح المقاومة أيّ إخراج كامل المقاومة من اللعبة, وإعادة المسؤوليّة للحكومات الشرعية.
فهل هذه الأهداف ممكنة وقابلة للتحقق في المدى المنظور؟ وإذا كان النظام الإقليميّ العربيّ يقول علنا أنّ هذه حرب القوى الإقليميّة الأخرى التي يتم تداولها بأياد عربيّة وعلى حساب مصالح عربيّة, فإنّ عودة النّظام الإقليميّ العربيّ إلى موقع القرار, وموقع الدّور الحاسم, وموقع حساب المصالح القوميّة, هذه العودة ليست طريقها مفروشة بالورود...فهناك فشل واضح لمشروع السلام العربيّ, وهناك عدم جدّية في التعامل الأمريكي مع مشروع السلام العربيّ, وهناك دائما هذه الإختراقات العميقة جدّا والتي تحتاج إلى الحكمة والحنكة في التعامل معها.
والغائب حتى يعود يلزمه أكثر من مجرّد الإعتراض على ما يحدث, يلزمه المبادرة في قلب المشاكل والأحداث والتداعيات ونحن نعلم أنّ كثيرا من مآزق النّظام الإقليمي العربيّ سببها الأوّل هو السياسات الأمريكيّة في المنطقة, سياسات ظالمة, أو سياسات خرقاء مثل سياسة فصل القضايا العربيّة عن بعضها والتعامل مع كل قضيّة على حدى, حيث يثبت بالدّليل أنّ هذا غير ممكن موضوعيّا...
قد سبق للنّظام الإقليميّ العربيّ أن أرسل إشارات واضحة بشأن إستيائه من سلوك الحليف الأمريكيّ, وكانت أوّل الإشارات من الأمير سعود الفيصل الذي أسار قبل أشهر إلى أنّ السياسة الأمريكيّة سلّمت العراق لإيران... ثمّ تتابعت الإشارات بعد ذلك من الملك الأردني عبد الله الثاني حول الهلال الشيعي, ومن الرّئيس مبارك حول الدّور الإيرانيّ, حتى وصلنا إلى التداعيات الأخيرة.
ربّما الإشارة الإيجابيّة البارزة حتى الآن أنّ النّظام الإقليمي العربيّ بدأ يتحدّث بلغة خارج حدود المجاملات, وخارج حدود النّفاق, يتحدّث بلغة صريحة, لغة قد تثير خلافا في بداية الأمر لكنّها حتما ستؤدّي إلى إصطفافات من نوع جديدو فالنّظام الإقليميّ العربيّ يتوجّب عليه أن يخوض معركة الدّفاع عن الدّور والقرار والمصالح ليس في مواجهو إسرائيل فحسب وإنّما في مواجهة الآخرين داخل بيته العربيّ, وداخل إمتداده الإقليميّ, لعلّها تكون فعلا معركة الحضور من الغياب.
soumasoum- ღ♥ღعضو جديدღ♥ღ
-
المساهمات : 12
النقاط : -5764
التقيم : 0
السن : 35
المزاج :
المهنة :
الهواية :
السمعة :
رد: إلى طلبة العلوم السياسيّة فرع العلاقات الدوليّة
موضوع مهم جدا
شكرا لك
تحياتي
شكرا لك
تحياتي
مجتهده- ღ♥ღعضو مميزღ♥ღ
-
المساهمات : 1249
النقاط : -4479
التقيم : 9
السن : 35
الجنسية :
المزاج :
المهنة :
الهواية :
السمعة :
مواضيع مماثلة
» دارمشتات مدينة العلوم الهندسية وأبحاث الفضاء
» العامل الجغرافي و السكاني في العلاقات الدولية_طلب بحث_
» ~~[العلاقات الشبابية ...بين القلب والعقل ]~~[ مفتوح لبنات حواء]
» الاستيطان في القدس الشرقية يعكر اجواء العلاقات بين نتانياهو واوباما
» جدول توقيت طلبة LMD سنة:2 علوم تجارية "جامعة البليدة"
» العامل الجغرافي و السكاني في العلاقات الدولية_طلب بحث_
» ~~[العلاقات الشبابية ...بين القلب والعقل ]~~[ مفتوح لبنات حواء]
» الاستيطان في القدس الشرقية يعكر اجواء العلاقات بين نتانياهو واوباما
» جدول توقيت طلبة LMD سنة:2 علوم تجارية "جامعة البليدة"
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
14.02.23 10:46 من طرف r brigad
» :)*"ملتقى الأعضاء"*(:
11.05.19 23:40 من طرف BRAD
» اسال عن الجميع
11.05.19 23:38 من طرف BRAD
» يلا ثقافة احمد الشقيري .. تعال هنا
22.04.16 10:03 من طرف فـارس بـلاجـواد
» السلام عليكم
07.10.15 16:31 من طرف r brigad
» برنامج حسابات
09.07.15 12:28 من طرف hebadexef
» بالصور: أفضل برنامج لتعلم الانجليزية للهواتف الذكية
12.02.15 10:10 من طرف طلال احمد الشيخ
» دورة تدريبية في مراقبة المخزون
16.09.14 18:08 من طرف عابر سبيل
» حقائق رقمية مذهلة في سورة الناس
20.04.14 15:26 من طرف ines
» تعلم تحدث الإنجليزية بطريقة جيدة وممتعة
23.01.14 0:54 من طرف نبع الورود
» ادارة المخاطر المالية
12.12.13 20:43 من طرف عابر سبيل
» اساليبي الاستثماربالصنديق الاستثمارية
23.11.13 9:31 من طرف عابر سبيل